
أيها القلب .... لم العجب ... وفيم الإستغراب ؟؟ هل نسيت ذلك الطريق ؟؟ لا تخدعني مجدداً فأنا أعلم الناس بك ... أنت لم تنس ذلك الطريق قط ولكنك تتناساه .. ولم تجهل معالمه ولكنك تتجاهلها ... تمني نفسك بأنك أول مرة تخطو قدماك هنا رغم يقينك أنك علي علم تام بكل نواصيه ... فكثيراً ما عددت خطواتك به ذهاباً وإياباً .. تاركاً في كل موضع قدم فيه علامة تذكرك دوماً أنك قد تعبت من التجول علي أرصفته فهل ما زلت مصراً علي أنك لا تعرفه جيداً ؟؟إذاً تمهل قليلاً ودعني أذكرك .... تتجاهله برغم كل بصماتك الواضحة علي أرصفته وبرغم كل آثار الأقدام المرسومة به من فرط تجولك به ... فلا تتناسي أنه ملاذك الوحيد وملجأك الأخير برغم كل حماقاتك ومحاولاتك الفاشلة للخروج منه تأبي كل ذرات وحبيبات التراب العالقة بحذائك وبثيابك أن تفارقك ... إنه طريق التيه والضياع .. زادك فيه بؤسك المتراكم علي أجندة سنينك ... ومظلتك فيه الوحدة القاتلة ... وفراشك هنا بقايا جراح رسمتها أيدٍ طالما أحببتها ...وغطائك آلام تمزق نبضاتك .... فلم ألقيت بنفسك مرة أخري في ذلك الفخ العميق ؟؟؟أنسيت أنك قد استهلكت كل قواك للخروج منه في المرة السابقة ورغم فشلك وبعد الخروج منه كان الزمن قد رسم خارطة الشقاء علي ملامحك ... وكان قطارك قد غادر المحطة بلا رجعة .. وعلمت أنك هنا وحيداً تنتظر أجلك المحتوم ....ويا لغبائك حين تعلقت بتلك الخيوط الكاذبة مرة أخري وأنت أعلم الناس أنها لا تقوي علي انتشالك من هنا ... فانسقت خلف شعاع فجر كاذب ما إن بدأ نوره يملأ قلبك حتي انتزع منك كل ما تملك بل .. وانتزع منك أغلي ما تملك .. وألقي بك في ليل سرمدي لا تعلم لنهاره اتجاهات ولا طرق .. ولا توجد به نجوم تدلك وتهديك إلي سبيلك ... ولا يوجد هنا قمر يؤنس وحدتك وتشكو له همومك وآهاتك ... فكل ما ستجده هنا وكل ما يحيط بك الآن وكل ما تراه حولك وما ستراه في أيامك القادمة له لون واحد .. لون لاتستطيع فيه أن تفرق بين ساعاتك ... ولا تستطيع فيه أن ترسم ملامح أي شئ في مخيلتك ... إنه لونك المفضل كما أخبرتها فهل نسيت ؟؟ أم أنك لا تريد أن تتذكر هذا أيضاً ؟؟ أخبرتك كثيراً أن حلمك هذا لا وجود له إلا في مخيلتك المريضة ... وشرحت لك مسبقاً أن الحب ليس من شأنك وأن العشق لا يوافق طريقك وأن دنيا المحبين تلك دنيا لا ولن تروقك ولكنك استغشيت ثيابك وصممت أذنيك وذهبت وحدك وتجاهلت كل نداءاتي وتحذيراتي وكل توسلاتي تحت قدميك أن تتمهل ... ولكن تلك الخيوط العنكبوتية كانت قد حِيكت حولك جيداً فرأيت العالم حولك يشع بأقواس قزحية .. وأطياف مرمرية .. ولآلئ وأنغام لا وجود لها سوي في مخيلتك فقط وأنت لا زلت مدهوشاً مجذوباً ولا تدري أنك علي وشك النهاية المؤسفة ... أتتك في أبهي ثيابها .. وفي غاية جمالها ... وكما أحببت أن تراها دوماً ... جائت ترتدي لونك المفضل بابتسامة ما أروعها وقد نصبت حولك كل الشباك ... وبنظرة جعلت الدنيا حولك تبتسم وتتزين أحكمت هي الخناق حول عنقك وأغلقت كل المنافذ للخروج ... ومدت يدها لتسلم مدعية أنها ستأخذك إلي عالمها وتنتشلك من ذلك التيه وتعوضك كل ذلك الحرمان ... وتجاورت الأقدام والأيدي وانتظمت الخطوات بجوار بعضها وأنت في قمة نشوتك وانبهارك ... وما هي إلا لحظات وتركت يديك لتجد الدنيا تدور من حولك في اتجاهات عكسية ... والأرض تخور من تحت قدميك لتهوي أنت إلي قاع سحيق لا قرار له ... ويمر شريط حياتك أمام عينيك في تلك اللحظة لتعود الآلام إلي كل الجراح القديمة والندوب المتراكمة علي جسدك ... قائلة لك عذراً فوقتك قد انتهي ... فعد حيث أتيت ... فهل لا زلت تتناسي وتتجاهل ؟؟ لا تخدعني ولتقر بأنك لم تنسه إلا للحظات قليلة ؟؟ فأنت أعلم الناس به ...