الأحد، 9 نوفمبر 2008

صمت ... واشتياق



صمت ... واشتياق

بينما هو جالس في مكتبه يتصفح جريدته اليومية ، ويرتشف كوب القهوة الذي اعتاد عليه كل صباح ... تتسلل إلي أنفه ذرات عطر أنثوي بالفعل يعرفها .. وما هي إلا لحظات وتقرع السكرتيرة باب مكتبه لتخبره أن هناك من يريد مقابلته ... فيسألها قائلاً : " من هو " ؟؟ فتجيبه : " لم تقل اسمها قالت فقط أنها تريد مقابلتك " فيقول لها : " أدخليها بعد خمس دقائق " .... يحدث نفسه قائلاً إنها رائحة عطرها الذي اعتادت أن تضعه !! ترتعش يمناه حتى يكاد كوب القهوة أن ينسكب علي أوراقه وجريدته ... تجتاحه الحيرة .. أيعقل أن تكون هي بعد كل هذه السنوات ؟؟ ولم لا !! ولكن ما الذي أتى بها يا ترى ؟؟ انتهت الخمس دقائق بملايين من التساؤلات المحيرة تدور في ذهنه وما هي إلا لحظات ويراها واقفة أمامه شامخة كعادتها يعلوها ذاك الكبرياء الأنثوي الذي يجعل منها كملكة تتفقد مملكتها الخاصة .. ولكنه يلحظ بعينيها بريق دمعتان حائرتان تريدان الفرار من بين جفنيها .. ويكاد لسان حالها أن ينطق قائلاً كم اشتقت إليك .. يحاول السيطرة علي ذاك الإحساس العارم بلهفة قلبه واشتياقه بعد الفراق .. يظل جالساً مكانه ، يشير إليها أن تتفضل بالجلوس محاولاً أن يضفي علي اللقاء جواً من التجاهل المصطنع .. يعاملها ببرود وكأنها إنسانة عادية أتت إليه لخدمة ما أو للحديث عن عمل ... لا زالت ملايين الأسئلة تدور بذهنه دون الحصول علي إجابات .. وفي نفس الوقت الذي يعاملها فيه بتلك الطريقة القاتلة يتمنى أن يرتمي بين ذراعيها باكياً شاكياً ما فعلته به الأيام بعدها ، وما أصابه بفراقها ، وما صنعته به الليالي من شوق ووحدة كادا أن يمزقا ما تبقى بداخله من مشاعر ... الصمت لا يزال هو سيد الموقف فبينما تخطو هي خطواتها الواثقة نحو ذاك المقعد علي يمينه إذ بالعيون تتعانق بلهفة وشوق يكاد أن يقتل ذاك الصمت .. تحتضن النظرات أسطر الذكريات الماضية ، وتتصفح أوقاتاً يتمنيا أن يجود الزمان ولو بساعة منها .. تبدأ هي في التحدث وسرد ما لديها بينما يجرفه هو شريط الذكريات لتمر أمام عينيه كل الأحداث والمواقف الجميلة ... لم يستمع لكلمة واحدة مما تقول وكأن العوالم من حوله تخور والأرض تتوقف عن الدوران والجاذبية ليهويا سوياً في إعصار الماضي بكل تفاصيله ... انتهت هي من حديثها بينما لا يزال هو واضعاً يديه المتشابكتي الأصابع تحت ذقنه ومحدقاً في عينيها ، تسأله بصوت ملائكي رقيق " هل أنت معي " ولكنه بالفعل لم يكن معها ، بل كان يسبح بداخلها يتحسس كل جزء فيها ، يدقق في تفاصيل وجهها يخبرها بطريقة أخرى غير الكلام أنه قد اشتاق إليها كثيراً ... تظن هي أنها قد أخطأت أيما خطأ حين فكرت مجرد تفكير في القدوم إليه .. ظنت أنه يتجاهل حديثها .. وأن قلبه لم يعد لها وأن كل خربشاتها بجدار ذكرياته قد محيت وأزيلت ... فتقرر الانسحاب بهدوء من أمامه وتعلوها الدهشة لموقفه هذا وتتمنى أن تبتلعها الأرض لإحساسها بأن كرامتها قد سلبت منها، تنساب من عيناها دمعتان هما أشبه بالماس في بريقه ... تنتصب واقفة وتقرر الرحيل مسرعة إلي الخارج ... وما هي إلا لحظات ويفيق من تلك الغيبوبة التي سلبته من عالم البشر إلي عالم آخر هو أشبه ما يكون بالحلم وأبعد ما يكون إلي الخيال ... ينتفض من مكانه واقفاً مسرعاً خلفها ليلحق بها ، يقفز درج السلم الصغير قفزة واحدة ليقف أمامها ممسكاً بيديها ومبتسماً ابتسامة تذيب كل همومها وأحزانها .. وأخيراً ينطق لسانه قائلاً ( لقد اشتقت إليك( ..

هناك 4 تعليقات:

fOsDö2ä يقول...

يااااااااااه ...
ايه النهاية دي ... ؟؟!!

ساعات الواحد تفكيره بيوديه فـ عالم تاني خالص ...
و غالباً تفكيره يعني بيوديه فـ داهيه ... !!
على آخر لحظة كل حاجه اتظبتت و رجعت تاني ... !!

حلوه قوي يا ا.تامر ...
تسلم ايدك ... (f)

RASHA يقول...

جميلة جدا

tito يقول...

ههههههههههههههههههههههه
صح يافسدقه
كتييييييييييييير جدا الواحد تفكيره بيوديه في داهيه
بس الحمد لله
إحنا تفكيرنا حتي في عز الجراح والأزمات نلاقيه بيوصلنا لنهاية سعيدة ولو هنضحك بيها علي روحنا
شكراً لتواجدك الدائم
مودتي واحترامي

tito يقول...

shasha
شكراً لمرورك الجميل وترك تعلقك
مودتي واحترامي
وأتمنى ألا تكون زيارتك الأخيرة لمدونتي